لمن اراد وجه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..حقيقة,لقد ترددت قليلا قبل أن أمسك بقلمي لكي أكتب لكم هذه القصة,ولكنى بفضل الله وعونه قررت أن أشارككم إياها لسببين:أولهما-أنني أحبكم جميعا في الله,وثانيهما لأنني أود أن أكرم صديقتي وأدعو الله أن يهب لها ثواب من قرأ الرسالة وغيرته ولو قليلا.ولكي لا أطيل عليكم ,فأنا شابة مسلمة ولله الحمد,كانت لي صديقة ,وكانت جارتي في نفس الوقت,تملك من الجمال ما كانت تحسد عليه من جميع من حولها,وكانت تكبرني بعام واحد,وبحكم الجيرة فقد نشأنا معا منذ الصغر وتشاركنا الأفراح والأحزان ,وكنا لا نفارق بعضنا البعض إلا عند النوم عندما يطلب الأهل منا ذلك.وعندما بلغنا المرحلة الثانوية,شاء الله عز وجل أن تتفوق صديقتي لتدخل كلية الطب البيطري,ثم ألحقت بها في العام المقبل في نفس الكلية بعدما طلبت منى ذلك لكي نكون معا أيضا.وعندما تخرجت,جاءت إلى مسرعة تستشيرني في أمر ما وهى في غاية السعادة,فقد أتيحت أمامها فرصتين للعمل,إحداهما كطبيبة في معمل تحاليل,والأخرى في شركة كبرى للأدوية,وسألتني عن رأيي فأخبرتها أنى أفضل الثانية,وبالفعل فقد بدأت العمل في شركة الأدوية وانشغلت بعملها الجديد فلم نعد نتقابل كثيرا إلا في الموعد الذي نحدده معا في وقت فراغها,إلى أن جاءتني في يوم ما وأخبرتني أن هناك زميلا لها في العمل يريد أن يتقدم لخطبتها,وعلمت منها أنه شاب على خلق,وأنهما متشابهان إلى حد بعيد,وبالفعل تمت الخطوبة ومضت الأيام وكل شيء يمضى في اتجاه إتمام الزواج.ولكن الله تعالى شاء أن يحدث ما لم يكن في الحسبان,فقد قررت الشركة أن ترسل بعضا من أعضائها لحضور مؤتمر علمي يعقد في مكان آخر بعيدا عن مقرها الأصلي,ووقع الاختيار على صديقتي وخطيبها وبعض أصدقائهما ,وتقرر السفر بعد عدة أيام.فرحت صديقتي كثيرا لأنها أرادت أن تشترى فستان زفافها من هناك بعد انتهاء المؤتمر,فموعد الزفاف قد اقترب كثيرا.وجاء يوم السفر ورأيت صديقتي وهى في الشارع تشير لأمها بالسلام وتقول لها:وداعا أمي,لا اله إلا الله ,فردت الأم :سيدنا محمد رسول الله,وأشارت إلى تودعني,ولا أدرى حقا لماذا أراها اليوم أجمل مما مضى؟أخذت أتابعها بنظري حتى اختفت بعيدا وأنا تخالجني شعور غريب لا أدرى ما هو...كانت هذه هي المرة الأخيرة التي رأيت فيها حبيبتي وصديقتي الغالية,فلم تمض إلا ساعة واحدة حتى وجدت هاتفي يرن,أسرعت لأجيب,فوجدت أحد أقاربي الذي يعمل مع صديقتي في نفس الشركة يبلغني بأسوأ خبر سمعته في حياتي, فقد أبلغته الشركة أن السيارة التي كانت تقل صديقتي قد وقع لها حادث بشع على الطريق,حينما صدمها سائق شاحنة مخمور-سامحه الله -جاء بسرعة في الطريق المعاكس ,لتلقى صديقتي وخطيبها مصرعهما في الحال, وينجو من كان معهما في السيارة.لا أدرى وقتها ما الذي حدث لي,ولكنني أذكر جيدا أنني لم أتمالك نفسي وسقطت مغشيا على الأرض,لأمكث بعدها فترة طويلة وأنا لا أقوى حتى على الحراك,ويكاد قلبي يخرج من بين جوانحي من فرط الحزن عليها,ولكنني استجمعت قواي ودعوت الله أن يثبتني وأن يمنحني القوة لكي أتغلب على أحزانى وأحول كل عملي لوجه الله تعالى لعله تعالى يرحمني وإياها,ويجمعني بها في الفردوس الأعلى .تغيرت حياتي تماما وصديقاتنا بعد ذلك الحادث,لندرك الحقيقة التي ربما يغفل عنها البعض,وهى أن الموت قادم لا محالة,وأن الدنيا ساعة,فأقسمنا أن نجعلها طاعة,وأن نهب أنفسنا وحياتنا لله عز وجل,فكل شيء هالك إلا وجهه,وقلت لنفسي,صدقت يا الله,وقولك الحق"وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم",فكم كرهت موت صديقتي الغالية,والذي كان نهاية لها,وبداية جديدة لنا مع الله تعالى ,وربما بداية لأشخاص آخرين قرؤوا قصتها فعاهدوا الله على الطاعة والإخلاص في النوايا والأعمال.أسأل المولى عز وجل أن ينفعنا بهذه القصة,وأن يرحم صديقتي وخطيبها وأموات المسلمين.انه نعم المولى ونعم النصير.وأعتذر للإطالة.حفظكم الله