يحكى أن أحد الملوك أرق ذات ليلة، فأخذ يفكر في لذة النوم، كيف تكون؟ ولم يشأ أن يوقظ الوزير ليسأله، بل قرر أن يذهب إلى مستشفى المجانين، ليسأل أحدهم.
وفي حديقة المستشفى رأى أحد المجانين وهو غارق في التأمل، فقال: (لابد أن أجد عند هذا المجنون الجواب واقترب الملك من المجنون، فسأله: (متى تشعر بلذة النوم؟ (فأجاب المجنون) أشعر بلذة النوم عندما أحسّ بالنعاس، وتثقل أجفاني، ويتسرّب إليّ الخدر، فأشتهي النوم.
فقال الملك، (ولكنك ما تزال في مرحلة ما قبل النوم، فكيف يمكنك أن تشعر حقيقة بلذته؟) ففكر المجنون قليلاً، ثم قال: (أنت على حق، إنما أشعر بلذة النوم عندما أستلقي على الفراش، وأستسلم للرقاد، وأمضي في سبات عميق، مستغرقاً في النوم.
فقال له الملك: (ولكن لا يمكنك أن تشعر بلذة النوم، وأنت نائم لأن كل قواك معطلة.
دهش المجنون، وفكر قليلاً، ثم قال: (أنت على حق، وإنما أحسّ بلذة النوم عندما أصحو من النوم، ويكون صحوي هادئاً، بطيئاً، فأستيقظ، ثم أنهض، وأنا نشيط.
فقال الملك: (أنت في هذه الحالة تكون قد غادرت النوم، وأصبحت بعيداً عنه، فكيف يمكنك أن تشعر بلذته؟.
دهش المجنون: وفكر قليلاً، ثم قال: (أنت على صواب، إنما أجد لذة النوم، عندما أحرم منه، وأمتنع عنه، فأطلبه فلا أجده، وأنا قلق أرق)
فصاح الملك غاضباً: (هذا غير صحيح، كيف ذلك، وأنت محروم من النوم؟ كيف يمكنك أن تجد لذة النوم وأنت لا تجد النوم نفسه)
فصاح المجنون بالملك، وهو يبتعد عنه: (ابتعد، ابتعد عني، أنت مجنون، وتريد أن تجعلني مجنوناً مثلك). وتنبه الملك إلى كلام المجنون، ثم قال له: (حقيقة، المجنون هو أنا، لا أنت، وما أحراك أن تكون خارج هذا المستشفى، وأكون أنا داخله)